ذكر مصدر سياسي أردني أن مراكز القرار في الدولة وضعت عدة سيناريوهات حول مسار التحديث السياسي في البلاد، خاصة عقب تطورات الموقف المحلي والدولي من جماعة الإخوان المسلمين التي حظرها الأردن رسميًّا منتصف العام الجاري، ويمثلها في البرلمان حزب جبهة العمل الإسلامي عبر 31 عضوًا من أصل 138 العدد الكلي للمجلس.
وقال المصدر، إن هناك سيناريو يتبناه تيار قوي في الدولة يساند فكرة تعديل قانوني الانتخاب والأحزاب، وإجراء تعديلات دستورية تلغي مسألة إلزامية رحيل الحكومة التي يحل في عهدها البرلمان.
ورجح المصدر أن تظهر هذه الاحتمالات عقب إقرار البرلمان للموازنة، والتي سيبدأ النقاش حولها الاثنين المقبل، مؤكدًا أن خيارات باتت مطروحة للتعامل مع حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسية لجماعة الإخوان، وعلى رأسها فكرة حل الحزب.
وقال المصدر إن الدستور يشير إلى إلزامية إجراء الانتخابات خلال 4 أشهر من تاريخ حل مجلس النواب، لكن ما يُطرح في الغرف المغلقة، احتمالية إجراء تعديل دستوري يلغي هذا الشرط، بحيث يبقى قرار إجراء الانتخابات غير مرهون بتواقيت بقدر ما يكون مرهونًا بمصلحة الدولة ومواءمة ظروفها.
الحديث عن حلّ البرلمان عاد مؤخرًا بقوة إلى الواجهة، ففي ورقة توقعات لسيناريوهات مصير البرلمان، قال مدير مركز راصد للرقابة على الانتخابات في الأردن عامر بني عامر، إن الحديث عن حل البرلمان أو الذهاب إلى انتخابات مبكرة، ليس حكمًا على أداء المجلس الحالي، ولا انتقاصًا من شرعيته، بل محاولة لقراءة ما قد يأتي، فالبرلمان اليوم يتحرك داخل بيئة سياسية لم تعد تشبه تلك التي وُلد فيها قبل عام، والأردن اليوم ليس كما كان الحال عليه قبل عامين.
وقال بني عامر: رغم أن حل البرلمان خطوة ثقيلة في أي بلد، إلا أنها ليست غريبة على التجربة الأردنية، فقد استخدمت الدولة هذا الخيار سابقًا عندما احتاجت إلى إعادة ضبط الإيقاع السياسي، أو فتح الباب أمام دورة جديدة أكثر انسجامًا مع المتغيرات.
ووفق بني عامر فإن هذا الحديث يأتي في لحظة إقليمية غير مسبوقة، تتقاطع فيها الضغوط الدولية على الإسلام السياسي مع أثر اجتماعي وسياسي عميق لما بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول، ليصبح التفكير خارج المسار التقليدي خيارًا مشروعًا بل ضرورة.
هذا الرأي لمدير راصد لاقى تفاعلًا كبيرًا في الأوساط السياسية، فمركز راصد يوصف بأنه أهم المراكز المختصة بالبرلمان، ومديره عامر بني عامر سبق وأن كان عضوًا في اللجنة الملكية للتحديث السياسي التي كلفها الملك عبد الله الثاني عام 2021 بوضع تصورات وتوصيات حول قانوني الأحزاب والانتخاب في البلاد.
وأيد راصد، المحلل مالك عثامنة بقوله "إن هناك مشروعية في مناقشة سيناريو حل البرلمان، وهو رأي وجيه يتبناه تيار واسع في الأردن، إذ إن التفكير خارج الصندوق مسموح ومطلوب أحيانًا، لكسر الجمود وفهم اتجاهات المزاج العام، وأن مصير البرلمان سيحسم بما تقتضيه حسابات الدولة، استنادًا لموازنة بين ضرورات الاستقرار ومواعيد التغيير، ومع تقدم المشاريع الاقتصادية الكبرى كأولوية".
وكانت انتخابات البرلمان في الأردن جرت في 10 سبتمبر/ أيلول عام 2024، وحظي فيها الإخوان بــ31 مقعدًا.
وأعقب الانتخابات تكليف الملك عبد الله الثاني مدير مكتبه جعفر حسان بتشكيل الحكومة التي ضمت في عضويتها عددًا من ممثلي الأحزاب باستثناء حزب الإخوان المسلمين، كما خلت تشكيلة مجلس الأعيان (الغرفة الثانية للبرلمان) من وجود أي شخصيات محسوبة على جماعة الإخوان.
الأردن.. سيناريو حل البرلمان وتعديل الدستور يعود للواجهة

