يترقّب قطاع الطاقة في العراق أول شحنة من الغاز المسال، وسط تساؤلات عن موعد استيرادها، إذ ستمثّل خطوة تُعدّ محورية نحو تنويع مصادر الوقود وتقليل الاعتماد على الغاز المستورد من دول الجوار.
وقالت مصادر مطلعة بحسب منصة الطاقة في واشنطن، إن تجهيز المنصة العائمة لاستقبال الغاز المسال سيُستكمل مع بداية صيف عام 2026، تمهيدًا لبدء استيراد أول شحنة عبر البواخر.
وأكدت المصادر أن المشروع يندرج ضمن سياسة الحكومة لتأمين الوقود وتشغيل محطات الكهرباء بكفاءة، في حين لم يُفعَّل الاتفاق السابق مع قطر بسبب اشتراطات فنية تتعلّق بإنشاء منصة ثابتة لتصدير الغاز.
وأشارت المصادر إلى، أن المنصة العائمة للغاز المسال ستُجهَّز بالكامل بحلول منتصف عام 2026، ليبدأ بعدها استقبال أول شحنة من الغاز المسال إلى العراق، في إطار خطة تهدف إلى سدّ العجز المتزايد في الوقود لمحطات التوليد.
وستتولى الشركة الأميركية، نصب المنصة وتشغيلها، بما يشمل توريد الغاز المسال بكمية 15 مليون متر مكعب، ما يعادل نحو 500 مليون قدم مكعبة قياسية يوميًا، مع إمكان زيادتها مستقبلًا.
ويُنتظر أن تُسهم هذه الخطوة في تقليل الاعتماد على الواردات التقليدية من الغاز، مع توفير مرونة أكبر في تلبية الطلب المحلي خلال فترات الذروة، وتغطية الاحتياجات الفعلية لمحطات الكهرباء المنتشرة في المحافظات العراقية.
وبحسب تصريحات المصادر ، ترى الحكومة أن المنصة العائمة تمثّل خيارًا إستراتيجيًا وسريع التنفيذ مقارنة بالمشروعات الثابتة التي تتطلّب بنية تحتية أوسع واستثمارات زمنية أطول، وهو ما يجعلها حلًا مؤقتًا فعّالًا لأزمة الغاز الحالية.
ووفق تقديرات أولية، يُتوقع أن يحقق المشروع أثرًا اقتصاديًا ملموسًا بدءًا من النصف الثاني من عام 2026، مع تقليص الإنفاق على الوقود المستورد وزيادة استقرار منظومة الكهرباء الوطنية؛ إذ يأتي المشروع ضمن خطة شاملة لتحقيق أمن الطاقة الوطني.
في فبراير/شباط من عام 2022، وقع العراق اتفاق الغاز المسال مع قطر، لاستيراد 1.5 مليون طن سنويًا، بمجرد الانتهاء من تجهيز البنية التحتية اللازمة.
وبسؤال مصدر في وزارة الكهرباء عن مصير الاتفاق، قال: "هذا مجرد مذكرة تفاهم غير ملزمة.. ونحن الآن لا نجري أي مفاوضات جديدة، سواء مع قطر أو غيرها من الدول أو الشركات".
وأكد أن بغداد تحتاج إلى ما يزيد على 50 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا، وهي كميات ربما يجري لاحقًا التعاقد مع مصدر إضافي لتوفيرها.
تُعدّ المنصة العائمة للغاز المسال في العراق من أبرز مشروعات الطاقة حاليًا، إذ تبلغ طاقتها التشغيلية 15 مليون متر مكعب يوميًا، وتُنفَّذ بموجب عقد يمتد 5 سنوات قابلة للتجديد.
ويُقدَّر حجم المخزون في المنصة العائمة بنحو 170 ألف متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال، ما يمنح العراق مرونة في إدارة الإمدادات خلال فترات انخفاض الطلب، واستعمال الفائض بوصفه مخزونًا إستراتيجيًا يمكن استعماله في حالات الطوارئ.
ويأتي المشروع -الذي وقّع العراق عقده في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2025- ضمن برنامج حكومي يهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز بحلول عام 2028، من خلال الجمع بين استيراد الغاز المسال واستثمار الغاز المحلي لتقليل الحرق الميداني وتحسين كفاءة المحطات.
وتسعى الحكومة إلى ربط المنصة العائمة للغاز المسال مع شبكة من الأنابيب تمتد من خور الزبير إلى محطة كهرباء بسماية، لتأمين الإمدادات بصورة مستمرة، وتوفير ما يصل إلى 2000 ميغاواط من الكهرباء للمناطق الحيوية.
ويرى مسؤولون أن المنصة الجديدة ستفتح الباب أمام مزيد من التعاون التقني مع الولايات المتحدة، إذ تشمل بنود العقد نقل الخبرات وتدريب الكوادر العراقية على تشغيل أنظمة الغاز المسال وصيانتها وفقًا لأعلى المعايير العالمية.

