أفادت مصادر أميركية أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حددت أهدافاً في فنزويلا، بما في ذلك منشآت عسكرية، تستخدم في تهريب المخدرات.
ونقل مسؤولون مطلعون أن هذه الأهداف، في حال قرر الرئيس ترامب شن ضربات جوية، سترسل رسالة واضحة للزعيم الفنزويلي نيكولاس مادورو بأن الوقت قد حان للتنحي، وفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.
ولم يتخذ الرئيس قراراً نهائياً بشأن الضربات البرية بعد، لكن المسؤولين أشاروا إلى أن الحملة الجوية المحتملة ستركز على أهداف تتداخل مع مصالح عصابات المخدرات ونظام مادورو.
وقد ركز ترامب وكبار مساعديه على زعزعة استقرار مادورو، بالتزامن مع شن الجيش الأميركي هجمات على زوارق يُزعم أنها تنقل مخدرات في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ الشرقي، حسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.
وتشمل الأهداف المحتملة قيد الدراسة موانئ ومطارات تحت سيطرة الجيش، يُعتقد أنها تستخدم في تهريب المخدرات، بما في ذلك منشآت بحرية ومدارج طائرات.
وعند دخوله البيت الأبيض، تعهد ترامب بالقضاء على تدفق المخدرات غير الشرعية من أميركا اللاتينية إلى الولايات المتحدة، وهي ظاهرة تتسبب في عشرات الآلاف من الوفيات سنوياً بين الأميركيين.
ومنذ تولي ترامب الرئاسة، نشر الجيش الأميركي قوة نارية غير مسبوقة في البحر الكاريبي، وصعد حملته ضد المهربين المفترضين في المنطقة.
ويُعد شن ضربات جوية على أهداف داخل فنزويلا تصعيداً كبيراً للحملة، التي اقتصرت حتى الآن على استهداف قوارب تهريب المخدرات.
وتركز الإدارة الأميركية بشكل خاص على مكافحة أزمة الفنتانيل، التي شهدت ارتفاعاً في الوفيات المرتبطة بها في السنوات الأخيرة بالولايات المتحدة. ورغم أن هذا العقار الأفيوني الصناعي يُنتج في المكسيك بمواد أولية من الصين، لا توجد أدلة على أن فنزويلا تنتجه أو تروّجه، حسب خبراء. ومع ذلك، لطالما شكلت البلاد معبراً أساسياً للكوكايين الكولومبي، ووجه مدعون أميركيون اتهامات لعدد من كبار المسؤولين في الحكومة والجيش الفنزويلي بتهريب هذا النوع من المخدرات، وفقاً للتقرير.
وتُظهر بيانات مراكز مكافحة الأمراض الأميركية أن نحو 80 ألف أميركي توفوا بجرعات زائدة في عام 2024، بانخفاض 27% عن عام الذروة في 2023. تسببت المواد الأفيونية الصناعية، ومعظمها الفنتانيل، في أكثر من 48 ألف وفاة، بينما تسبب الكوكايين في 22 ألف وفاة.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض آنا كيلي: "كان الرئيس ترامب واضحاً في رسالته إلى مادورو: توقف عن إرسال المخدرات والمجرمين إلى بلادنا. الرئيس مستعد لاستخدام كل عناصر القوة الأميركية لوقف تدفق المخدرات إلى وطننا".
وقبل احتمال تنفيذ ضربات برية، بدأت إدارة ترامب حملة إعلامية تهدف إلى تصوير مادورو كزعيم إمبراطورية تهريب مخدرات تسعى إلى "إغراق" الولايات المتحدة بالمخدرات، وهي تهمة ينفيها مادورو.
ودون تقديم أدلة، وصف بعض المسؤولين فنزويلا بأنها "مركز رئيسي للنشاط الإرهابي"، وزعموا أن نظام مادورو يدير الكارتلات بنفسه، وفقاً للتقرير.
وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الذي يقود الجهود ضد فنزويلا: "إنكم أمام دولة مخدرات تُدار بواسطة كارتل في فنزويلا. هذه عملية ضد إرهابيي المخدرات، القاعدة الجديدة في نصف الكرة الغربي… ويجب التعامل معهم وفقاً لذلك".
وتوجيه ضربات داخل الأراضي الفنزويلية سيعني زيادة الضغط على ما وصفه المسؤولون بـ"الديكتاتور"، بينما بدأ حلفاء ترامب بالتلميح إلى أن مادورو قد يفر من البلاد. وقال السيناتور ريك سكوت في مقابلة مع برنامج "60 دقيقة": "لو كنت مكان مادورو، لتوجّهت فوراً إلى روسيا أو الصين".
وحاولت الولايات المتحدة في إدارة ترامب الأولى والحالية الضغط لإحداث تمرد أو انشقاق داخل الجيش الفنزويلي، لكن القوات المسلحة بقيت موالية لمادورو، ولم تسجل احتجاجات داخل البلاد.
وقال المحلل في مجلس الأطلسي جيف رامزي: "الولايات المتحدة تختبر فعلياً مدى ضعف مادورو وإمكانية انقلاب الجيش عليه بدفعة بسيطة. حتى الآن لا دليل على انشقاقات كبرى، لكن تنفيذ ضربات عسكرية على القوات الفنزويلية قد يغير المعادلة. ومع ذلك، هناك احتمال أن يؤدي ذلك إلى تأثير معاكس يتمثل في التفاف الشعب حول النظام".
وأعلن ترامب أنه قد يأمر بشن ضربات جوية في فنزويلا، بينما أرسل البنتاغون حاملة الطائرات الأميركية الأكثر تطوراً وسفنها المرافقة إلى البحر الكاريبي. تمتلك الولايات المتحدة حالياً أكثر من ست سفن حربية في المنطقة، إضافة إلى آلاف من عناصر القوات الخاصة وطائرات مقاتلة متقدمة.
ونفذت الولايات المتحدة في الأسبوعين الأخيرين طلعات جوية بطائرات قاذفة من طراز B-52 وB-1 بالقرب من السواحل الفنزويلية، لاختبار دفاعات البلاد واستجابة جيشها لعرض القوة. والاثنين، حلقت طائرتان من طراز B-1 لمدة نصف ساعة تقريباً بين البر الرئيسي لفنزويلا وجزرها الساحلية، وفق بيانات تتبع الرحلات الجوية.
واتخذ ترامب خطوة غير مسبوقة بتأكيده أنه خوّل وكالة الاستخبارات المركزية تنفيذ عمليات سرية داخل فنزويلا. وعندما سُئل عما إذا كانت الوكالة تملك صلاحية استهداف مادورو، رفض الإجابة مكتفياً بالقول إن فنزويلا "تشعر بالحرارة".
وتضم القوات الفنزويلية أنظمة دفاع جوي روسية متطورة، بينها ما بين أربع إلى ست منظومات S-300 وأنظمة محمولة على الكتف قادرة على رصد الطائرات الأميركية وإسقاطها. ورغم أن كفاءة تلك الأنظمة ومستوى تدريب مشغليها غير معروفين، كثفت الطائرات الأميركية تحليقها قرب الأجواء الفنزويلية لرسم خريطة دقيقة لدفاعاتها الجوية.
وقال مادورو الأسبوع الماضي إن بلاده تملك نحو 5000 صاروخ روسي من طراز Igla-S للدفاع الجوي المحمول.
وأضاف: "كل قوة عسكرية في العالم تعرف قوة Igla-S، وفنزويلا تمتلك ما لا يقل عن خمسة آلاف منها متمركزة في مواقع رئيسية لحماية السلام والاستقرار".

