كشفت دراسة حديثة عن دليل مادي مذهل على التعايش السلمي بين الأديان في شمال العراق قبل نحو 1500 عام، حيث عاش رهبان مسيحيون وأتباع الديانة الزرادشتية الفارسية جنبا إلى جنب دون صراعات.
وهذه النتائج التي توصل إليها علماء آثار من جامعتي فرانكفورت وإرلانغن-نورنبيرغ الألمانيتين، تعيد كتابة الفهم السابق للعلاقات بين الأديان في ظل الإمبراطورية الساسانية الفارسية.
وركز ال
عريب.
ولطالما أشارت الأعمدة الحجرية الخمسة المربعة والمغطاة جزئيا بالجص الأبيض إلى احتمال أن يكون الهيكل كنيسة، وهو ما أكدته لاحقا الدراسات الجيوفيزيائية التي كشفت عن جدران إضافية تحت الأرض، ما عزز فرضية أن "الكنيسة" هذه كانت جزءا من مجمع ديري أكبر. ومع ذلك، بقيت علاقة هذا المجمع بالتل الاستيطاني المجاور له، والذي يقع بجوار تحصين ساساني صغير من القرنين الخامس والسادس الميلاديين، لغزا يستدعي المزيد من البحث، خصوصا أن هذا التحصين الساساني نفسه مغطى بمقبرة إسلامية لاحقة.
Submitوخلال موسم التنقيب الحالي، الذي بدأ في أواخر الصيف، قام الفريق بالحفر في منطقتين رئيسيتين: منطقة سطحية حول الأعمدة، ومنطقة أخرى لاستكشاف المقبرة الإسلامية مع التركيز على التوثيق الأنثروبولوجي. وقد أسفرت أعمال التنقيب في المنطقة السطحية عن اكتشاف جدران طوبية وأرضيات من التراب المدكوك، ثم أرضيات أحدث مصنوعة من الحجارة والطوب المكسور. وكان الاكتشاف الأبرز هو العثور على أعمدة حجرية إضافية تشير إلى تصميم معماري ثلاثي البلاطات، مع بلاطة وسطى تمتد من الشمال الغربي إلى الجنوب
يفتح الاكتشاف الباب أمام أسئلة بحثية مستقبلية حول التوقيت الدقيق لاعتناق سكان المنطقة الإسلام، وظروف التحول الديني في المجتمعات الريفية.
ويأتي هذا العمل ضمن مشروع بحثي أوسع يهدف إلى دراسة المجتمعات والمستوطنات الريفية في سهل شهرزور بشمال العراق، وهي مناطق ظلت مهملة بحثيا لفترات طويلة لصالح التركيز على العواصم والمدن الكبرى. ويسعى المشروع إلى فهم الأسس الاقتصادية والاجتماعية التي مكنت الحضارات القديمة من الازدهار. ولهذا، ستتركز الجهود في المواسم القادمة على دراسة البنية التحتية الاقتصادية للموقع باستخدام مناهج أثرية متطورة مثل علم النباتات الأثرية وعلم الحيوان الأثري والأنثروبولوجيا الجنائية، بهدف إعادة بناء صورة حياة المجتمع الذي سكن هذه الجدران وفهم تفاصيل حياته اليومية وموارده وطرق عيشه.

