كشف وزير العدل التركي يلماز تونتش، أن القضاء يدرس حالياً الإفراج عن السياسي الكردي البارز صلاح الدين ديميرتاش، المحكوم بعقوبة سجن مدتها 42 عاماً،
ويجري التعويل على هذه الخطوة، من أجل دفع عملية السلام بين أنقرة والأكراد.
وكان الوزير تونتش يناقش ميزانية وزارته للعام المقبل 2026، في البرلمان، عندما سُئل عن مصير ديميرتاش الذي يمثل مع الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان، أبرز القادة الأكراد الذي تتزايد المطالب بالإفراج عنهم لنجاح مسار السلام.
وقال الوزير: "سيتم تقييم قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان من قبل المحكمة المختصة. وقد قدمت الأطراف المعنية طلباتها أيضاً، ومن غير الوارد بالنسبة لنا التدخل في الإجراءات القضائية، أو أن تتدخل وزارة العدل".
وظل طلب الإفراج عن ديميرتاش، حاضراً طوال الأشهر الماضية بوصف إطلاق سراحه خطوة تعزز ثقة الطرف الكردي في عملية السلام، وفق ما يقوله مسؤولو حزب "الديمقراطية والمساواة للشعوب" الذي يقود جهود الوساطة بين أنقرة وأوجلان.
وقال مصدر برلماني تركي، إن "وفداً من الحزب الذي يمثل كثيراً من أكراد تركيا في البرلمان، يعتزم طرح طلب الإفراج عن ديميرتاش مجدداً، خلال لقاء مباشر مع وزير العدل سيُعقد الأسبوع المقبل، ولم يتحدد موعده بدقة بعد".
وأوضح المصدر، أن "الخطوة الحالية لحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، هي إطلاق سراح ديميرتاش بعد أن نجح الحزب الشهر الماضي، في تحقيق مطلبه ومطلب حزب العمال الكردستاني بعقد اجتماع ضم نواب ممثلين عن أحزاب تركية، مع أوجلان وجهاً لوجه، في سجنه القابع فيه منذ 26 عاماً في غرب تركيا".
وعقد حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب خلال الأيام الماضية اجتماعات مع عدد من الأحزاب التركية، وسيلتقي حزب العدالة والتنمية الحاكم، اليوم السبت، وحزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، بعد يومين.
وبجانب لقاء الحزب المرتقب مع وزير العدل تونتش، سيلتقي وفد من الحزب مع الرئيس رجب طيب أردوغان، في حراك سياسي يتزامن مع استعداد البرلمان التركي لإقرار إطار قانوني يحدد مصير قادة ومقاتلي حزب العمال الكردستاني، ويلبي تطلعات أكراد تركيا في العدالة والمساواة.
إفراج قانوني
ويعد الإفراج عن ديميرتاش، خطوة ممكنة من الناحية القانونية بعد أن رفضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الشهر الماضي، اعتراض وزارة العدل التركية على قرارها الذي يعتبر سجن ديميرتاش انتهاكاً لحقوقه القانونية ويستند إلى مبررات سياسية، في انتهاك للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي وقعت عليها أنقرة.
وهذا ثالث قرار من نوعه للمحكمة الأوروبية بعد 2018 و2020، ومن شأن رفض الاعتراض التركي، أن يكون إطلاق سراح ديميرتاش ممكناً من الناحية القانونية، وسط مؤشرات كثيرة على قرب تنفيذه منذ الشهر الماضي، وسط دعم لذلك الإفراج من حزب الحركة القومية الحليف للحزب الحاكم.
وأدانت محكمة تركية، ديميرتاش عام 2018 بتهمة "الدعاية الإرهابية" وقضت بسجنه 4 أعوام وثمانية أشهر، فيما قضت محكمة أخرى عام 2024 بسجنه 42 عاماً، على خلفية دوره المزعوم في احتجاجات عنيفة خلفت قتلى في 2014.
وعند اعتقاله عام 2016، كان ديميرتاش يشغل منصب الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي، المنحل حالياً، والذي حصل على 13% من الأصوات في انتخابات عام 2015، وصار أول حزب كردي يدخل البرلمان في تاريخ تركيا.
لكن السلطات أوقفت ديميرتاش في العام التالي مع مسؤولين نواب في الحزب بتهمة التعاون مع حزب العمال الكردستاني، والذي تصنفه أنقرة "إرهابياً" بينما تستهدف عملية السلام الجارية حله وإلقاء مقاتليه للسلاح، ومن ثم إقرار تشريعات وحتى دستور جديد يتيح لعناصره الانخراط في الحياة السياسية والاندماج في المجتمع.
ودعم ديميرتاش من سجنه، خلال الأشهر الماضية، عملية السلام الجارية عبر رسائل تنشر عبر حسابه في موقع "إكس"، حث فيها جميع الأطراف على تقديم التضحيات لإنجاح المسار الحالي بعد فشل محاولات سابقة، آخرها بين عامي 2013 و2015، وهي الفترة التي شهدت صعود نجم ديميرتاش السياسي قبل سجنه.
وتقول أنقرة إن عملية السلام الجارية حساسة بعد عقود من الصراع والانقسام والضحايا، وتتطلب دعم الجميع لإنجاحها وإنهاء نزاع مسلح اندلع عام 1984، وكلف البلاد خسائر كبيرة، وتريد طي صفحته.
لدفع عملية السلام.. أنقرة تدرس إطلاق سراح السياسي الكردي صلاح الدين ديميرتاش

