تتواصل آثار المجاعة الكارثية في قطاع غزة بعد نحو شهرين على اتفاق وقف إطلاق النار، بناء على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وسماح إسرائيل بإدخال أصناف من المواد الغذائية إلى القطاع.
ولا تزال إسرائيل تمنع أو تسمح بدخول كميات قليلة من المواد الغذائية الأساسية، ما يجعل سعرها مرتفعًا وخارج نطاق القدرة الشرائية لآلاف العائلات في قطاع غزة، خاصة المواد الغذائية الأساسية للأطفال كالبيض والفواكه واللحوم.
وفي بيان نشرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" حذّرت من تدهور خطير يهدد الوضع الصحي للأطفال في قطاع غزة مع دخول فصل الشتاء، مشيرة إلى أن استمرار سوء التغذية وانتشار الأمراض يشكّل تهديدًا مباشرًا لحياة آلاف الأطفال، ولا سيما الأكثر ضعفًا منهم.
وقالت "يونيسيف": "حسب فحوص أجريت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي فإن نحو 9300 طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد"، وهو ما وصفته المنظمة بأنه "رقم مقلق للغاية" يعكس عمق الأزمة الإنسانية التي يعيشها القطاع.
وأكد رئيس شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية أمجد الشوا، أن الواقع الإنساني في قطاع غزة يزداد تدهورًا يومًا بعد يوم، دون وجود أي تحرك فعلي لمعالجة الأزمة الإنسانية، وخاصة في القطاعات المتعلقة بالتغذية والمساعدات الطارئة.
وأضاف: "حتى اللحظة، لم نشهد أي تحسن حقيقي تجاه الوضع الإنساني، رغم الإعلان عن المجاعة قبل نحو أربعة أشهر، إسرائيل ما زالت تمنع دخول مستلزمات الإيواء والمواد الأساسية، وتقيّد دخول مساعدات أونروا، ما يعيق دورها الإغاثي."
وأوضح الشوا أن "إسرائيل تفرض قيودًا على دخول عشرات الأصناف الغذائية، خاصة البروتينات والمكملات الغذائية الضرورية للأطفال".
وتابع: "يوميًا نكتشف حالات جديدة من سوء التغذية، وهذا يترافق مع تدهور الحالة الصحية للأطفال، إضافة إلى النساء وكبار السن، في ظل غياب المياه الصحية والرعاية الطبية الكافية".
أزمة القطاع الصحي
وأضاف الشوا أن "القطاع الصحي في غزة يواجه أزمة حادة بسبب النقص الكبير في المستلزمات الطبية والأدوية"، مشيراً إلى أن ما يدخل من احتياجات طبية لا يتجاوز 10% من الكميات المطلوبة.
وأكد رئيس شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، أن "حالة المجاعة لا تزال قائمة، وهناك تدهور حاصل على كل المستويات الصحية والإنسانية"، مشددًا على ضرورة التحرك العاجل لمعالجة هذا الواقع الكارثي.
وطالب الشوا بفتح المعابر بشكل كامل ودون قيود، وإدخال المساعدات الإنسانية، وخاصة تلك المرتبطة بالأطفال وسوء التغذية، والسماح للمؤسسات الإغاثية بالعمل بحرية لتقديم الدعم اللازم في ظل استمرار المجاعة وتفاقم الاحتياجات المعيشية والدوائية.
وأوضح أن هناك تنسيقاً كاملاً مع منظمات الأمم المتحدة، مثل "اليونيسف" و"منظمة الصحة العالمية" و"الأونروا"، لمحاولة الوصول إلى الأطفال المتضررين من سوء التغذية، رغم محدودية الكميات التي تصل كمساعدات، مبينا أن الجهود تتركز حالياً على تقديم برامج غذائية وصحية عبر العيادات المتنقلة، والتي تسهم في إجراء التشخيص الطبي الأولي للأطفال والنساء، تمهيدًا لبدء مراحل العلاج، التي تتطلب إدخال مساعدات طبية وغذائية عاجلة إلى قطاع غزة.
خطر الموت
من جانبه، حذر أحمد بصل، رئيس قسم سوء التغذية في مستشفى الرنتيسي للأطفال بمدينة غزة، من استمرار الوفيات نتيجة المجاعة وتداعياتها على الأطفال.
وقال بصل: "وقف إطلاق النار في غزة لم ينعكس إيجابًا على الوضع الغذائي للأطفال، إذ تواصل إسرائيل تقنين دخول المواد الغذائية الأساسية، وعلى رأسها البروتينات كالبيض ومنتجات اللحوم".
وأضاف: "هذا يؤدي إلى تدهور قدرة الأطفال على التحمل ويضاعف معاناتهم".
وتابع: "المستشفى سجل حالتي وفاة لطفلين خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي بسبب انعدام المواد الأساسية في التغذية"، محذرًا من أن هناك حالات أخرى مشابهة في مستشفيات غزة، حيث لا تزال المجاعة وسوء التغذية يهددان حياة المئات.
وأشار إلى أن "تكرار عمليات النزوح وتدهور الوضع الاقتصادي أسهم بشكل مباشر في ارتفاع نسب سوء التغذية والنحافة بين الأطفال، خصوصًا في ظل ضعف بنيتهم الجسدية وغياب برامج دعم غذائي مستدامة".
رغم اتفاق وقف إطلاق النار.. المجاعة تهدد حياة آلاف الأطفال في غزة

