تعيش أروقة نادي برشلونة حالة من القلق والارتباك، بعدما تحولت الإصابات إلى كابوس يؤرق المدرب الألماني هانز فليك وجهازه الفني منذ انطلاق الموسم الحالي. فقد تراجع المعدل البدني بشكل واضح، وتزايدت الإصابات بصورة غير مسبوقة، ما جعل الفريق يواجه أزمة تهدد استقراره الفني وتوازنه في البطولات المحلية والأوروبية.
ووفقًا لصحيفة "آس" الإسبانية، يشعر فليك بقلق بالغ تجاه الوضع البدني للاعبيه، بعد أن كشفت بيانات التحليل البدني تراجع المؤشرات مقارنة بالموسم الماضي، سواء في السرعة القصوى أو في القدرة على التحمل خلال المباريات. وقد انعكس هذا الانخفاض على أداء الفريق الذي بدا أقل حدة في الضغط والانتشار.
ترى إدارة برشلونة أن هذا التراجع البدني هو أحد الأسباب المباشرة وراء العدد الكبير من الإصابات التي بلغت 13 إصابة مختلفة خلال 3 أشهر فقط. هذا الوضع أثار استياءً واسعًا في غرفة الملابس، حيث عبّر بعض اللاعبين عن عدم رضاهم عن البرامج البدنية داخل النادي، معتبرين أنها لا تواكب متطلبات الموسم الطويل.
دي يونج يدافع عن لامين يامال.. ويتهم كارفاخال بسوء التصرف!
Play Video
وأشارت "آس" إلى أن بعض اللاعبين بدأوا باتخاذ خطوات فردية لتحسين لياقتهم، سواء بالعمل مع مختصين شخصيين أو بإجراء تدريبات إضافية خارج "المدينة الرياضية". فبينما يفضّل البعض مواصلة العمل في صالات خارجية، استعان آخرون بخبراء في التغذية واللياقة لاستعادة جاهزيتهم البدنية.
نموذج للبحث عن الحلول الخارجية
برز اسم فيران توريس كأحد أبرز الأمثلة على هذا الاتجاه، إذ استعان بخبراء في المجال النفسي لمساعدته على تجاوز فترات القلق التي أثرت عليه سابقًا، كما لجأ إلى مدرب بدني خاص لتقوية عضلاته وتحسين لياقته بعد سلسلة من الإصابات التي عرقلت مسيرته في المواسم الماضية.
هذه المبادرات الفردية باتت ظاهرة متزايدة بين لاعبي برشلونة، في ظل غياب الاستقرار البدني للفريق وتكرار الإصابات التي طالت مختلف المراكز.
رغم الانتقادات، ما زالت إدارة برشلونة تُظهر دعمًا واضحًا للمسؤول عن الإعداد البدني، خوليو توس، الذي يُعد من أبرز المتخصصين في أوروبا. وتؤمن الإدارة بقدرته على تصحيح الخلل الحالي، خصوصًا أنه يمتلك خبرة طويلة في التعامل مع الأحمال التدريبية العالية وبرامج التأهيل العضلي.
وكشفت تقارير أن توس كان سيحظى بدور أكبر لو استمر تشافي هرنانديز في تدريب الفريق، إذ كان من المقرر أن يتولى مسؤولية القوة البدنية بشكل مباشر داخل الجهاز الفني.
وبدأ برشلونة بالفعل في تنفيذ خطة إصلاح شاملة لمعالجة الأزمة، تتضمن زيادة ساعات العمل داخل صالة الألعاب الرياضية، وتصميم برامج فردية تتناسب مع حالة كل لاعب، إلى جانب الاستعانة بخبراء خارجيين لمتابعة معدلات اللياقة والتعافي.
وتسعى الإدارة من خلال هذه الإجراءات إلى إعادة الفريق لمستواه البدني المعتاد في أقرب وقت ممكن، بعدما أصبح تراجع الجاهزية البدنية تهديدًا حقيقيًا لطموحات الفريق هذا الموسم.
لامين يامالEPA
حالة لامين يامال.. متابعة دقيقة وتعدد في الآراء
في موازاة ذلك، كشفت صحيفة "سبورت" أن النجم الشاب لامين يامال أجرى فحوصات طبية خارجية لتقييم إصابته في منطقة العانة، ما أثار جدلًا في الإعلام الإسباني. إلا أن صحيفة "آس" أوضحت أن هذه الفحوصات تمت بتنسيق كامل مع الجهاز الطبي للنادي، بهدف الحصول على آراء متعددة من خبراء مختصين.
وأجمع الأطباء الذين تمت استشارتهم على أن حالة يامال لا تستدعي تدخلًا جراحيًا، وأن العلاج التحفظي هو الخيار الأمثل في الوقت الحالي، مع ضرورة الالتزام ببرنامج بدني خاص لتفادي الانتكاسات.
وبسبب النقص العددي الناتج عن الإصابات، بدأ فليك في الاعتماد على عناصر من الفريق الرديف "برشلونة أتلتيك"، تحسبًا لأي طارئ جديد. وبحسب صحيفة "موندو ديبورتيفو"، يراقب المدرب الألماني عن كثب مجموعة من المواهب الصاعدة التي قد تشكل مستقبل النادي القريب.
من بين أبرز هذه الأسماء تشافي إسبارت (18 عامًا)، الذي بدأ مسيرته كلاعب وسط قبل أن يتحول إلى الظهير الأيمن، وقد شارك مؤخرًا في تدريبات الفريق الأول استعدادًا لظهور رسمي قريب.
كما تشمل قائمة المواهب الشابة التي يتابعها فليك: "جوفري تورينتس (18 عامًا): الظهير الأيسر الذي يقدم أداءً مميزًا مع الرديف، بيدرو "درو" فيرنانديز (17 عامًا): لاعب وسط يتميز بالتوازن بين الأدوار الدفاعية والبنائية، وتوني فيرنانديز (17 عامًا): شارك بالفعل في دقائق رسمية الموسم الماضي، وجيليه فيرنانديز (17 عامًا): موهبة فنية واعدة لكنها تعاني من إصابة حالية".
لم تتوقف خطوات فليك عند لاعبي الميدان، إذ استدعى أيضًا الحارسين الشابين ديجو كوشين (19 عامًا) وإيدير آيير (18 عامًا) للمشاركة في تدريبات الفريق الأول، بسبب غياب تير شتيجن وخوان جارسيا. ويرى المدرب الألماني في هذه الخطوة فرصة لاختبار مستقبل حراسة المرمى في برشلونة، تمهيدًا لدمج أحدهما تدريجيًا مع الفريق الأول.
ويجد برشلونة نفسه اليوم أمام مرحلة دقيقة تجمع بين تحدي الإصابات المتكررة والرهان على جيل جديد من المواهب. وبينما يسعى فليك إلى استعادة توازن الفريق بدنيًا وفنيًا، تأمل جماهير النادي أن تنجح خطة الإصلاح في إنهاء الأزمة، وفتح صفحة جديدة تعيد للنادي بريقه المعتاد على الساحة المحلية والأوروبية.

