كشفت وثائق سرية مسربة للاستخبارات الإيرانية، حصل عليها موقع;إنترسيبت الأميركي ونشرتها صحيفة نيويورك تايمز ، النفوذ الإيراني في العراق، الذي وصل إلى حد تجنيد طهران لعملاء لها داخل السلطات العراقية.
وأظهر التسريب غير المسبوق، تأثير إيران الهائل في العراق، ويعرض سنوات من العمل الشاق الذي قام به الجواسيس الإيرانيون لاختيار قادة البلاد، ودفع رواتب للعراقيين الذين يعملون مع الأميركيين، ودفعهم لتغيير ولاءاتهم، بالإضافة إلى عمليات طهران المستمرة للتسلل إلى كل جانب من جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والدينية في العراق.
وتكشف الوثائق تفاصيل عمليات التجسس التي تبدو وكأنها جزء من فيلم سينمائي، إذ يتم ترتيب الاجتماعات في الأزقة المظلمة ومراكز التسوق أو تحت غطاء رحلة صيد أو حفلة عيد ميلاد، بالاضافة لتربص مخبرو إيران بالجنود الاميركيين في مطار بغداد، ويلتقطون صورا لهم، بالإضافة إلى مراقبة رحلات جنود التحالف الدولي.
كما تحدثت عن تقديم طهران هدايا للمخبرين مثل الفستق والعطور والزعفران، أما فيما يتعلق بالمسؤولين العراقيين، فوصل الأمر إلى حد تقديم رشى إلى بعضهم، كما هو الحال في أحد التقارير المسربة الذي كشف دفع مبلغ 87.5 يورو لشراء هدايا لقائد كردي.
وكانت من بين التفاصيل المشبوهة في الوثائق المسربة، طبيعة العلاقة التي تجمع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، بالسلطات الإيرانية.
ووفقا لأحد البرقيات الاستخباراتية الإيرانية التي تم تسريبها، فإن عبد المهدي، الذي عمل مع إيران خلال وجوده في المنفى إبان حكم صدام حسين، جمعته;علاقة خاصة مع إيران، خاصة عندما كان وزيرا للنفط عام 2014.
ولم توضح الوثائق طبيعة تلك العلاقة، لكن اشارات الى عدم تمكن لأي سياسي عراقي أن يصبح رئيسا للوزراء دون مباركة إيران.
وتابعت، كان ضباط من وزارة الاستخبارات الإيرانية والحرس الثوري يعملون بالتوازي مع بعضهم البعض في العراق، ويبلغون النتائج التي يتوصلون إليها، إلى مقرهم في طهران، الذي يقوم بدوره بتنظيمها في تقارير للمجلس الأعلى للأمن القومي.
وكانت تجنيد المسؤولين العراقيين جزءا أساسيا من عملهم، وقد سهلت مهمتهم، التحالفات التي أقامها العديد من القادة العراقيين مع إيران عندما كانوا ينتمون إلى جماعات معارضة تقاتل صدام حسين.
وبينت الوثائق ذاتها التي تعود لعام 2014، وكشفتالعلاقة الخاصة لعبد المهدي مع إيران، أن مسؤولين سياسيين وعسكريين وأمنيين كبار في العراق أقاموا أيضا علاقات سرية مع طهران، ومن بين هؤلاء، رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، الذي وُصف بأنه على علاقة وثيقةمع إيران.
وتابعت الصحيفة، ان مسؤول استخباري عراقي ابلغ نظيره الايراني ان الولايات المتحدة قدمت للعراق برنامجا متقدماً للتنصت على الهواتف النقالة ويتم ادارته من قبل مكتب رئيس الوزراء (حيدر العبادي) وأبلغهم بأنه سيضع تحت تصرفهم كل المعلومات الاستخبارية حوله.
السفير الايراني في بغداد كان يستعرض وزراء حكومة العبادي ووصف كل من عبد المهدي وابراهيم الجعفري بان لديهما علاقة خاصة مع إيران، وان وزراء، الاتصالات والبلديات وحقوق الانسان، في تناغم كامل معنا ومع رجالنا، ووزير البيئة (قتيبة الجبوري) يعمل معنا بالرغم من انه سني.
وبعد اختيار حيدر العبادي رئيساً للوزراء، خلال الدورة السابقة، دعا السفير الايراني السابق لدى بغداد، حسن داني فر الى اجتماع عاجل في السفارة الايرانية في بغداد ولكن مع تقدم الاجتماع اطمئن الى ان طهران لديها العديد من الوزراء في حكومة العبادي لديهم تعاون معها، تم وصف العبادي في الاجتماع بانه، الرجل البريطاني والمرشح الاميركي”.
وأضافت الصحيفة، أن ممثل للأمانة العامة للحزب الإسلامي ويعد من أعلى المستشارين السياسيين لرئيس البرلمان السابق، سليم الجبوري كان يعمل مع المخابرات الإيرانية وكان يراقب اتصالات سليم الجبوري مع الامريكان بحكم وجوده اليومي في المكتب، حيث شجع الإيرانيين على تقوية العلاقات مع سليم الجبوري لإيقاف الجهود الأمريكية الساعية إلى إيصال جيل سني جديد من الشباب للقيادة وجهود المصالحة الوطنية، وشدد المستشار المتعاون مع إيران على وجوب الحفاظ على سليم الجبوري من الانزلاق إلى الجانب المؤيد لامريكا نظرا لشخصيته المهزوزة الثقة وقراراته السريعة.
وأشارت الصحيفة إلى أن سفراء إيران في لبنان وسوريا والعراق من الرتب العليا للحرس الثوري، مؤكدة أن مسؤولين عراقيين سياسيين وأمنيين وعسكريين أقاموا علاقات سرية مع إيران، مشيرة إلى أن إيران ركزت على تعيين مسؤولين رفيعي المستوى في العراق.
وبحسب الصحيفة، فإن الوثائق المسربة تبيّن كيف تفوقت إيران على الولايات المتحدة في العراق.
معلومات الصحيفة اعتمدت على الوثائق التي كتبها ضباط وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية في عامي 2014 و2015.
وأشارت “نيويورك تايمز” في تقريرها إلى أن إيران تحرص على إرسال طلابها إلى الحوزات الدينية بالعراق، كما تحرص إيران على بناء الفنادق في كربلاء والنجف.
وأكد المحلل السياسي والمستشار في شؤون العراق لدى الحكومة الإيرانية، غيس غريشي، أن طهران تدخلت في تعيين مسؤولين رفيعي المستوى في العراق، قائلا;لدينا عدد كبير من الحلفاء من بين القادة العراقيين، الذين يمكن أن نثق بهم وأعيننا مغلقة